يحرص عليه. وقد اشتهر من التابعين في دراسة القرآن وتفسيره: مجاهد بن جبر وسعيد بن جبير وعكرمة مولى ابن عباس وعطاء ابن أبي رباح والحسن البصري.
روى ابن كثير عن ابن أبي مليكة قال: رأيت مجاهدا سأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه ألواحه، قال: فيقول له ابن عباس اكتب، حتى سأله عن التفسير كله (١).
وهكذا تكوّن وظهر في عصر التابعين «علم تفسير القرآن» في مقدمة علومه وأبحاثه الأخرى، إذ هو أساسها وإليه مردّها؛ ظهر علما بدأ تدوينه وجمعه، بعد أن كان معارف في الأذهان والصدور.
ثم تفرع عن علم التفسير علومه الأخرى، عند ما تكاثر أرباب الاختصاص في الدراسات العربية والإسلامية.
فالفقهاء والأصوليون عنوا منها بعلم الناسخ والمنسوخ، وعلماء التفسير والكلام اهتموا من ذلك بعلم المحكم والمتشابه والقراءات، وعلماء العربية انصرفوا إلى مباحث الإعجاز والأسلوب وعلم إعراب القرآن... وهلم جرا.
ولا شك أن هذه الفنون لم تظهر في حقبة واحدة من الزمن، وإنما ظهرت متتابعة، إلا أنها تكاملت علوما خلال القرنين: الثاني والثالث.
أما إطلاق لفظ (علوم القرآن) اصطلاحا على هذه العلوم القرآنية فإن البعض يحسب أن الإمام الشافعي هو أول من سيّر هذا الاصطلاح وذلك أنه حينما جيء به إلى الرشيد- عند ما اتهم بالتشيّع- سأله الرشيد: كيف علمك يا شافعي بكتاب الله؟ فقال الشافعي: عن أيّ كتاب من كتب الله تسألني يا أمير المؤمنين؟ فإن الله أنزل كتبا كثيرة، قال الرشيد: قد أحسنت، لكن إنما سألت عن كتاب الله المنزّل على محمد صلّى الله عليه وسلّم، فقال الشافعي إن للقرآن علوما