بعد النفي، أو النفي بعد الإثبات، فهي متعلقة بما قبلها في جميع الأحوال، مع أن أبا حاتم في باب الوقف والابتداء هو الإمام المقتدى به في هذا الفنّ، ووافقه الكواشي وقال: إلا أن يجعل حرف الاستثناء بمعنى اللهمّ والله أعلم بكتابه.
وفصل أبو العلاء الهمداني حيث قال: من العلماء من قال: إذا كان بعد الاستثناء كلام تامّ جاز الابتداء بإلا إذا لم يتغير معنى ما قبلها نحو: أَسْفَلَ سافِلِينَ، وقوله: بشرهم بِعَذابٍ أَلِيمٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا، وكقوله:
وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وأما لو تغير بالوقف معنى ما قبله نحو:
فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً، وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ، ونحو: فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ، فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ*، فلا يبتدأ بإلا. وأما إذا لم يكن بعد إلا كلام تامّ، بل كان متعلقا بما قبله فلا يوقف دونه. وقال ابن مقسم: إذا كان الاستثناء متصلا فالوقف على ما بعدها أحسن نحو: تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ، فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ، فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً، إلا أن يكون الاستثناء بعد الآية فيوقف على ما قبل إلا لتمام الآية، وعلى ما بعدها لتمام الكلام نحو: لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ*، إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلَّا عَجُوزاً. وإن كان منقطعا عما قبله فالوقف على ما قبل إلا أجود، وعلى ما بعدها حسن، ثم ما كان منه رأس آية ازداد حسنا في الوقف، فمن المنقطع قبل تمام الآية قوله: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ هنا الوقف، ثم يبتدأ: إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا، وكذلك: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ، لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً، لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى، والتامّ في ذلك كله آخر الآية. وأما المنقطع بعد تمام الآية، فقوله: إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا
ـــــــــــــــــــــــــ
..................................
كاف، وهو بعيد مِنْهُمْ تُقاةً حسن. وقال أبو عمرو: كاف وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ