أخذها عن سليمان بن مهران الأعمش وحمران بن أعين ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وجعفر بن محمد الصادق، وعرض القرآن على جماعة، منهم سفيان الثوري والحسن بن صالح، ومنهم إمام الكوفة في القراءات والعربية أبو الحسن الكسائي، ولم يقرأ حرفا من كتاب الله إلا بأثر صحيح، وكان حمزة إماما ضابطا صالحا جليلا ورعا مثبتا ثقة في الحديث وغيره وهو من الطبقة الثالثة، ولد سنة ثمانين وأحكم القرآن، وله خمس عشرة سنة، وأمّ الناس سنة مائة، وعرض عليه القرآن من نظرائه جماعة، وما قرأ به حمزة مخالف لأهل البصرة، فإنهم لا يعطفون على الضمير المخفوض إلا بإعادة الخافض، وكم حكم ثبت بنقل الكوفيين من كلام العرب لم ينقله البصريون، ومن ذلك قول الشاعر: [الطويل]

إذا أوقدوا نارا لحرب عدوهم فقد خاب من يصلى بها وحميمها
بجر حميمها عطفا على الضمير المخفوض في بها، وكم حكم ثبت بنقل البصريين لم ينقله الكوفيون، ولا التفات لمن طعن في هذه القراءة كالزجاج وابن عطية، وما ذهب إليه البصريون، وتبعهم الزمخشري من امتناع العطف على الضمير المجرور إلا بإعادة الجار غير صحيح، بل الصحيح مذهب الكوفيين في ذلك، وعلى هاتين القراءتين، أعنى نصبه وجرّه كاف. وقرئ والأرحام بالرفع على أنه مبتدأ حذف خبره كأنه قيل والأرحام محترمة: أي واجب حرمتها فلا تقطعوها، حثهم الشارع على صلة الأرحام، ونبههم على أنه كان من حرمتها عندهم أنهم يتساءلون: أي يحلفون بها، فنهاهم عن ذلك، وحرمتها باقية وصلتها مطلوبة وقطعها محرّم إجماعا، وعلى هذا يكون الوقف حسنا وليس
ـــــــــــــــــــــــــ
..................................
_
الأرحام، ووجه جرّه عطفه على الضمير على مذهب الكوفيين، وقيل الوقف على أمّا به على النصب فبالإغراء، وأمّا على الجرّ فبالقسم: أي وربّ الأرحام رَقِيباً حسن


الصفحة التالية
Icon