بدلا من الخير. وقال الفراء: لا يوقف على من حرج، لأن التقدير عنده كملة أبيكم ثم حذفت الكاف، لأن معنى: وما جعل عليكم في الدين من حرج، وسع الله عليكم الدين كملة أبيكم. فلما حذفت الكاف انتصبت ملة، لاتصالها بما قبلها، والقول بأن ملة منصوبة على الإغراء أولى، لأن حذف الكاف لا يوجب النصب. وقد أجمع النحويون أنه إذا قيل زيد كالأسد ثم حذفت الكاف لم يجز النصب، وأيضا فإن قبله: اركعوا واسجدوا، فالظاهر أن يكون هذا على الأمر أن اتبعوا ملة أبيكم إبراهيم، فإلى الأول ذهب ابن عباس ومجاهد قالا: قوله: هو سماكم، أي: الله سماكم المسلمين من قبل، أي: من قبل هذا القرآن في الكتب كلها وفي الذكر وفي هذا القرآن. وقال الحسن هو: أي إبراهيم سماكم المسلمين من قبل يريد في قوله: رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ فإذا هو صلّى الله عليه وسلّم سأل الله لهم هذا الاسم فعلى الأوّل الوقف على: هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا:
تام، وعلى الثاني الوقف على: هو سماكم المسلمين من قبل، كاف، وعلى الأول تكون اللام في: لِيَكُونَ الرَّسُولُ متعلقة بمحذوف، وهو المختار من وجهين: أحدهما: أن قوله: رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ الآية، ليس تسمية، وإنما هو دعاء. والثاني ورد الخبر «إن الله سمانا المسلمين» كما روي أنه صلّى الله عليه وسلّم قال: «تداعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله» وليس بوقف، أي: على الأول إن علقت اللام بما قبلها. انظر النكزاوي، وفي كون إبراهيم دعا الله فاستجاب له وسمانا المسلمين ضعف، إذ قوله: وَفِي هذا عطف على: من قبل، وهذا إشارة إلى القرآن فيلزم أن إبراهيم سمانا المسلمين في القرآن، وهو غير واضح، لأن القرآن نزل بعد إبراهيم بمدد، فلذلك ضعف رجوع الضمير إلى إبراهيم، والمختار رجوعه إلى الله تعالى، وبدل له
ـــــــــــــــــــــــــ
..................................

_
كاف، وكذا: اجتباكم مِنْ حَرَجٍ حسن. وقال أبو عمرو: كاف. وهذا إن نصب مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ بالإغراء، أي: الزموها، فإن نصب بنزع الخافض فليس ذلك


الصفحة التالية
Icon