علفتها تبنا وماء باردا | حتى غدت همّالة عيناها |
فعلى هذا لا يوقف على سمعهم لتعلق آخر الكلام بأوّله، وقال آخر:
إذا ما الغانيات برزن يوما | وزجّجن الحواجب والعيونا |
والعيون لا تزجج وإنما تكحل، أراد وكحلن العيون، فجواز إضمار الفعل الثاني وإعماله مع الإضمار في الأبيات المذكورة لدلالة الفعل الأوّل عليه غِشاوَةٌ حسن: سواء قرأ غشاوة بالرفع أو بالنصب (١) عَظِيمٌ تام: لأنه آخر قصة الكفار، ورسموا أنذرتهم بألف واحدة كما ترى، وكذا جميع ما وقع من كل استفهام فيه ألفان أو ثلاثة اكتفاء بألف واحدة كراهة اجتماع صورتين متفقتين نحو أأمنتم، أأنت قلت للناس، وقالوا أآلهتنا خير، ورسموا وعلى أبصارهم بحذف الألف التي بعد الصاد، وحذفوا الألف التي بعد الشين في غشاوة، ولا وقف من قوله: ومن الناس إلى قوله بمؤمنين، فلا يوقف على آمنا بالله، ولا على وباليوم الآخر، لأن الله أراد أن يعلمنا أحوال المنافقين أنهم يظهرون خلاف ما يبطنون، والآية دلت على نفي الإيمان عنهم، فلو وقفنا على: وباليوم الآخر، لكنا مخبرين عنهم بالإيمان، وهو خلاف ما تقتضيه الآية، وإنما أراد تعالى أن يعلمنا نفاقهم، وأن إظهارهم للإيمان لا حقيقة له بِمُؤْمِنِينَ تام: إن جعل ما بعده استئنافا بيانيا كأن قائلا يقول: ما بالهم قالوا آمنا ويظهرون الإيمان وما هم بمؤمنين، فقيل يُخادِعُونَ اللَّهَ وليس بوقف إن
ـــــــــــــــــــــــــ
الثلاثة كاف، وقال أبو عمرو: لا يوقف عليه انتهى. وعلى الآخرين جائز غِشاوَةٌ صالح. وقال أبو عمرو كاف، فإن أراد أنه صالح فلا خلاف، وقس عليه نظائره مما يأتي عَظِيمٌ تام وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ صالح. وقال أبو عمرو كاف. هذا إن جعل يخادعون حالا: أي ومن الناس من يقول آمنا بالله مخادعين، فإن كان مستأنفا فالوقف تامّ وَالَّذِينَ