السادس: الاختلاف بالإبدال وهو قسمان: إبدال حرف قريب المخرج بحرف قريب مثله وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ [الواقعة: ٢٩] «وطلع منضود». والثاني: إبدال كلمة بكلمة وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ [القارعة: ٥] كالصوف المنفوش بدل العهن.
السابع: اختلاف اللهجات كالفتح والإمالة والترقيق التفخيم وغير ذلك.
وإذا تأملت هذه الأوجه فإنها لا تخلو من نقد، وهي أوجه فيها نظر من نواح كثيرة. فالأمثلة القرآنية هي روايات آحادية لا تثبت قرآنيتها كما يقول أبو حيان:
«رواية آحاد مخالفة للسواد فلا يعتد بها» (١) فقوله: «وجاءت سكرة الحق بالموت» وقوله: «والذكر والأنثى» بدل «وما خلق الذكر والأنثى» وقوله: «كالصوف المنفوش» بدل «العهن المنفوش» كل ذلك لم يثبت رواية ولم يصح سندا.
ثم إن المتأمل لهذه الأوجه لا يلمس وجه الحكمة والتسهيل على الشيخ الكبير والطفل الصغير من أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم.
المعنى الثالث: الأحرف السبعة هي لغات سبع (٢) متفرقة في القرآن،
وهي لغات أحياء من قبائل العرب مختلفة، نزل بها القرآن الكريم على النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكان يأمر كتبة الوحي، وهم من قبائل شتى من قريش وغيرها، بكتابته، وقام عثمان بن عفان وأمر الكتبة حين كتابة القرآن إذا اختلفوا في شيء أن يكتبوه بلغة قريش، ومعنى ذلك أن القرآن منه ما قرئ بلغة قريش، ومنه ما قرئ بغيرها كما ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهذا سبب اختلاف الصحابة في قراءة القرآن، فمن سمع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقرأ القرآن على وجه، فإنه يقرأ على هذا الوجه، ومن سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقرأ القرآن على وجه آخر، فإنه يقرأ على الوجه الذي سمعه كذلك، وربما سمع أحدهم ما لا يسمعه الآخر فينكر عليه، فحين قرأ هشام الفرقان أنكر عليه عمر ذلك لأنه لم يسمعها من النبي صلّى الله عليه وسلّم على الوجه الذي سمعه هشام.

(١) تفسير البحر المحيط ٨/ ٤٨٣.
(٢) القرطبي ١/ ٣٨ - ٣٩.


الصفحة التالية
Icon