صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ١٢٨ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [التوبة: ١٢٨ - ١٢٩].
فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر (١).
كيفية جمع زيد للقرآن (في عهد أبي بكر):
يقول زيد نفسه فيما رواه البخاري: (فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب وصدور الرجال) وهذا يفيد أن طريقة الجمع تعتمد على أمرين:
١ - ما كان محفوظا في صدور الصحابة رضوان الله عليهم.
٢ - ما كان مكتوبا بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولا يقبل المكتوب إلّا بشهادة عدلين.
روى ابن أبي داود- في كتاب المصاحف- من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: (قام عمر، فقال من كان تلقى من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئا من القرآن فليأت به) (٢)، فأقبل الناس بما كان معهم وعندهم حتى جمع على عهد أبي بكر في الورق (٣)، فكان أبو بكر رضي الله عنه أول من جمع القرآن في المصحف).
وكان زيد- رضي الله عنه- لا يقبل شيئا مكتوبا حتى يشهد عدلان على أن المكتوب كتب بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ذكر ذلك صاحب الفتح حيث قال: (وعند ابن أبي داود من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر قال لعمر ولزيد: اقعدا على باب المسجد، فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه).
(٢) رجاله ثقات مع انقطاعه والحديثان في فتح الباري ٩/ ١١.
(٣) في المصباح يعني بالورق في الأزمان المتقدمة الجلود الرقاق التي يكتب عليها.