المبحث الثالث المنطوق والمفهوم
لا يتأتى لمفسر أو مجتهد أن يفسر أو يفقه شيئا من القرآن إلّا إذا أحاط بآيات القرآن الكريم، وكيفية دلالتها على المعاني، فلا بد من معرفة منطوق القرآن ومفهومه، وسنتحدث عن المنطوق والمفهوم بإيجاز تاركين التفصيل لأمهات كتب الأصول.
١ - المنطوق:
عرفه العلماء: (بأنه ما دل عليه اللفظ في محل النطق) كوجوب غسل الوجه واليدين إلى المرافق، الذي دلت عليه الآية بمنطوقها في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ.. [المائدة: ٦].
والمنطوق إذا دل لفظه على تمام معناه، فالدلالة مطابقة كقوله تعالى: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ.. [البقرة: ١٩٦].
وإن دل اللفظ على جزء المعنى فهو التضمن، ومثاله: دلالة لفظ الإنسان على ما في معناه من الحيوان، وإن دلّ اللفظ على الحكم بطريق الالتزام فهو دلالة الالتزام كقوله تعالى:.. وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ.. [البقرة: ٢٣٣]. فإن من كلف بالنفقة يجب أن يثبت له نسب المولود.
ويجب أن يراعى في دلالة المنطوق بالقرآن، حمل دلالة ألفاظه على المعاني الشرعية، والتي تكفّل الشارع الحكيم ببيانها، فإذا ما ورد في القرآن: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ.. [البقرة: ١٨٣].
وجب تفسير الصوم بمدلوله الشرعي لا اللغوي.
فإذا لم يكن للفظ مدلول شرعي وجب أخذ معناه من الحقيقة العرفية في عهده صلّى الله عليه وسلّم فإن تعذر ذلك حمل على المدلول اللغوي.


الصفحة التالية
Icon