عليه يدرك أن ما روي عن ابن عباس في هذا الكتاب يدور على محمد بن مروان السدي الصغير، عن محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وهذه الطريق هي من أوهى الطرق كما ذكرنا سابقا، وأنها سلسلة الكذب.
٢ - علي بن أبي طالب:
وهو أكثر الخلفاء الأربعة تفسيرا للقرآن ورواية للحديث، وذلك لتأخر وفاته عنهم، ولسعة اطلاعه على لغة العرب، ولحاجة الناس إليه في زمانه، وقد عرف- رضي الله عنه- بحدة ذكائه وفصاحة لسانه، وسرعة بديهته، وغزارة علمه، ومعرفته لأسباب النزول.
روى معمر عن وهب بن عبد الله بن أبي طفيل قال: شهدت عليا- رضي الله عنه- يخطب ويقول: (سلوني، فو الله ما من آية إلّا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار؟ أفي سهل أم في جبل).
وفي رواية عنه قال: (والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم أنزلت، وأين أنزلت، إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا سئولا) (١).
ولكن الذي يؤسف له إنه قد كذب عليه خلق كثير، ودسوا عليه أقوالا لم يقلها ونسبوا إليه أفعالا لم يفعلها، فينبغي أخذ الحيطة والحذر من الأقوال المدسوسة عليه والأفعال المنسوبة إليه.
أصح الأسانيد إلى علي رضي الله عنه:
أ- ما كان عن طريق هشام عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني عن علي، وهذا السند اعتمده البخاري وغيره.
ب- طريق ابن أبي الحسين عن أبي الطفيل عن علي. وهذه طريق صحيحة اعتمدها سفيان بن عيينة في تفسيره.
ج- طريق الزهري عن علي زين العابدين عن أبيه الحسين عن أبيه علي (٢).

(١) مقدمة ابن الصلاح ص ٩.
(٢) مناهل العرفان ص ٤٨٣.


الصفحة التالية
Icon