يفسر لنا القرآن سورة سورة، وآية آية، كما هي مرتبة في المصاحف، أما ما روي أن ابن عباس قد فسر القرآن في تنوير المقباس، فإن هذا لم تصح نسبته إلى ابن عباس، وقد ردّ هذا الزعم ردا علميا صحيحا في رسالة دكتوراه.
والذي يروي لنا أن الفراء المتوفى سنة ٢٠٧ هـ هو أول من قام بتفسير القرآن سورة سورة وآية آية. قال ابن النديم في كتابه الفهرست: (إن عمر بن بكير كتب إلى الفراء أن الحسن بن سهل ربما سألني عن الشيء بعد الشيء من القرآن فلا يحضرني فيه جواب، فإن رأيت أن تجمع لي أصولا، أو تجعل في ذلك كتابا أرجع إليه فعلت).
فقال الفراء لأصحابه: اجتمعوا حتى أملّ عليكم كتابا في القرآن، وجعل لهم يوما، فلما حضروا خرج إليهم، وكان في المسجد رجل يؤذن ويقرأ بالناس في الصلاة، فالتفت إليه القراء فقال له: اقرأ بفاتحة الكتاب، ففسّرها ثم توفّى- أي استوفى- الكتاب كلّه، يقرأ الرجل ويفسر الفراء. فقال أبو العباس ثعلب: (لم يعمل أحد قبله مثله، ولا أحسب أن أحدا يزيد عليه) (١).

(١) هذا رأي أبي العباس ثعلب وفيه نظر: أما قوله لم يعمل أحد قبله مثله، فهذا رأيه وبما قارنه مع غيره من التفاسير. أما قوله: ولا أحسب أحدا يزيد عليه، فإن حسبانه لم يكن كما توقعه بل وجد الكثير وأول الكتب التي تفوقت عليه تفسير ابن جرير الطبري.


الصفحة التالية
Icon