- والأزواج يعني القرناء فالزوج هنا يعني القرين أو النظير أو الشبيه، ولا شك في أن هذا هو المعنى المناسب لقوله تعالى: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ..
[الصافات: ٢٢]. أي: احشروا الظالمين وقرناءهم في جهنم، فهذا الأنسب، وهو زيادة في حسرتهم وندامتهم، كما قال بعض المفسرين: يحشر الزناة مع الزناة، وشاربو الخمر مع شاربيها.
وبعيد كل البعد، وغريب كل الغرابة، أن يحشر كل ظالم مع زوجته، وإلّا قلنا بحشر فرعون مع زوجته- وشتان بينهما- هو من أهل السعير، وهي من أهل النعيم.
ومما يجب على من يفسر القرآن بالقرآن أن يعلم أنّ القرآن لا يختلف بعضه مع بعض، فهذا الوهم يوقعه في الخطأ والاضطراب.
مثال ذلك الآيات القرآنية الكثيرة التي تذكر أطوار خلق الإنسان؛ فآية تذكر أن آدم خلق من تراب، ومرة تذكر خلق الإنسان من ماء، ومرة من طين، ومرة من حمأ مسنون، ومرة من صلصال، فلا تعارض بين هذه الآيات، إذ هي تتحدث عن الأطوار التي مر بها خلق الإنسان.
أظهر صور تفسير القرآن للقرآن:
١ - لعل أظهر هذه الصور ما تراه في قصص القرآن الكريم، فقد نجد القصة الواحدة قد ذكرت في مواضع متفرقة، وفي سور عديدة، فلنأخذ جزءا يسيرا من قصة إبراهيم التي ذكرت في سور متعددة، ولنتناول قصة ضيوفه عليه السلام، قال تعالى في سورة الذاريات: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ٢٤ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ٢٥ فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ٢٦ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ ٢٧ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً.. [الذاريات: ٢٤ - ٢٨].
وفي سورة هود ذكر الله لنا ما يفسر لنا هذه الآيات: وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ٦٩ فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ ٧٠ وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ [هود: ٦٩ - ٧١].