وقد قال أبو ذر بقول ابن عباس، ففي صحيح مسلم عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هل رأيت ربّك؟ قال: «نور أنّى أراه» (١) وذهب جميع الصحابة، ابن مسعود وأبو هريرة وعائشة رضي الله عنهم وغيرهم في تفسير الآية وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد رأى جبريل روى ذلك الإمام البخاري عن ابن مسعود من وجهين:
الأول موقوف عليه، والثاني روي عنه مرفوعا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم (٢).
وقد أورد كثير من المفسرين (٣) آراء الصحابة في هذه المسألة، ورجحوا قول عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- فيها من أن محمدا رأى جبريل عليه السلام، ودلل ابن
القيم على ما قاله ابن مسعود وقد أسهب فيه إسهابا مفيدا يحسن الرجوع إليه.
موقفنا من اختلاف الصحابة في التفسير:
إذا تقرر لدينا أن الصحابة- رضوان الله عليهم- قد اختلفوا في تفسير بعض الآيات فإنه ينبغي النظر في هذا الخلاف:
- فإذا كان الاختلاف في القول مرويا عن صحابي واحد، فالقول فيه ما قاله صاحب البرهان رحمه الله: «فأما إذا لم يكن الجمع بأي من قوليه، فالمتأخر من

(١) صحيح مسلم ح (١٧٨) (٢٩١).
(٢) صحيح البخاري، ح (٤٨٥٦) و (٤٨٥٧).
(٣) اطلعت على ما يقارب ثلاثين كتابا من كتب التفسير فوجدتهم قد أجمعوا على أن المراد من الآية أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد رأى جبريل، ومن هذه الكتب التي أوردت هذا الرأي:
١ - كتاب زاد السير لابن الجوزي.
٢ - كتاب مفاتيح الغيب للفخر الرازي ٢٨/ ٢٩٠.
٣ - الكشاف للزمخشري ٤/ ٤٢٠.
٤ - البحر المحيط ج ٨/ ١٥٦.
٥ - الجلالين وغيرهم.


الصفحة التالية
Icon