الرأيين بتحريم الرأي المذموم، وجواز الرأي المحمود، فما نظن أن الخلاف واقع في شيء من ذلك؛ لأن التفسير بالرأي المذموم ليس مورد خلاف بين العقلاء والعلماء، لأن كلمة المجيزين والمانعين سواء في رفضه، لذا لم يبق الخلاف إلّا في جواز التفسير بالرأي أو منعه عموما.
المصادر المعتلة في التفسير الإسرائيليات
هذا العنوان لا نريد به ما روي عن أبناء إسرائيل (يعقوب) عليه السلام بخاصة، بل هو من باب التغليب على ما يشمل طائفتي اليهود والنصارى من بني إسرائيل، ويطلق على جميع الثقافة الدينية للطائفتين اليهودية والنصرانية، وهو ليس من باب تغليب الثقافة اليهودية على النصرانية، كما قال أستاذنا الذهبي مسندا قوله إلى أن ظاهر لفظ الإسرائيليات يدلّ على اللون اليهودي خاصّة، وأن الجانب اليهودي هو الذي اشتهر أمره، فكثر النقل عنه، وذلك لكثرة أهله وظهور أمره، وشدة اختلاطهم بالمسلمين من مبدأ ظهور الإسلام إلى أن بسط رواقه على كثير من بلاد العالم (١).
هذا كلام أستاذنا الذهبي وهو غير مسلّم به، لأن جميع الثقافة الدينية اليهودية باستثناء الكفر بعيسى، هي بالضرورة ثقافة نصرانية، كذلك يدين بها النصارى تماما، كما تدين اليهود، حتى إنهم ليسمون ما عند اليهود (العهد القديم)، ويسمون ما لديهم من الأناجيل الأربعة والرسائل (العهد الجديد) ويطلقون على جميع العهدين (الكتاب المقدس).
وإنما قلنا عنوان بني إسرائيل ما يشمل اليهود والنصارى، ولم نخص به اليهود لأن عيسى عليه السلام مرسل إلى بني إسرائيل، كما أرسل موسى بنص القرآن، قال تعالى في وصفه عليه السلام: وَرَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [آل عمران: ٤٩] (٢).

(١) التفسير والمفسرون ١/ ١٦٥.
(٢) انظر مناهج المفسرين ص ٣٢٠.


الصفحة التالية
Icon