ولعل الذي حمل هؤلاء وأولئك من قدماء ومحدثين والقائلين بدعوى الإلهام الفطري في حسباننا، ما هو إلا خشيتهم أن يظن بأم موسى النبوة، مع إجماع المسلمين وغيرهم على عدم نبوتها، بل مع إجماع المسلمين على أن من شرط النبوة الذكورة، انطلاقا من نحو قوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل: ٤٣].
ولكن من أين يقتضي إرسال الملك إلى أحد ضرورة نبوته، أفلا يرون إرساله تعالى جبريل إلى مريم حين تمثل لها بشرا سويا، وكلمها بما ذكر من قصتها في كتابه الكريم.
لذا قال بعض المفسرين: إن الله تعالى أرسل إلى أمّ موسى ملكا، ولا يستبعد أيضا أن يكون هذا الوحي إليها كان عن طريق نبيّ في زمانها لم يقصّ علينا القرآن قصّته، وأي ذلك قد كان مما الله أعلم به، فليس لما قاله أهل دعوى الإلهام، ومثلهم أهل دعوى رؤيا المنام وجه البتة فتنبه (١).