من المفصل، فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبدا» (١).
٤ - من الحكم البالغة في نزول القرآن منجما: الدلالة على الإعجاز القرآني وإثبات مصدره والكلام فيها يطول وقد أشرنا إليه سابقا.
هل للقرآن نزول آخر غير المعروف على النبي صلّى الله عليه وسلّم؟.
لا يرتاب مسلم في أن القرآن الكريم قد أنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم منجما حسبما يصدق ذلك الواقع كما حدثناك عنه.
ومع ذلك فقد حلا لكثير من العلماء القول بأن للقرآن نزولا آخر، قال الزركشي: «اختلف العلماء في كيفية نزول القرآن على ثلاثة أقوال.
١ - أنه نزل إلى السماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة، ثم نزل بعد ذلك منجما في ثلاث وعشرين سنة.
٢ - أنه نزل إلى السماء الدنيا في ثلاث وعشرين ليلة قدر في ثلاث وعشرين سنة.
٣ - أنه ابتدئ إنزاله في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك منجما في أوقات مختلفة من سائر الأوقات.
وذهب الزركشي إلى القول الأول، وقال: إنه الأشهر والأصح وإليه ذهب الأكثرون، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى في سورة البقرة: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ.. [البقرة: ١٨٥] وفي سورة الدخان: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ [الدخان: ٣] وفي سورة القدر: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر: ١]. فقد دلت الآيات الثلاث أن القرآن أنزل في ليلة تسمى ليلة القدر من شهر رمضان. وقد سأل سائل ابن عباس فقال له: إن هذه الآيات أوقعت في قلبه الشكّ، فكيف ينزل القرآن في ليلة القدر. وهذا أنزل في «شوال» وفي «ذي القعدة» وفي «ذي الحجة» وفي كل الشهور.