إلا أنهم بعد صيتهم وعظمت اقدارهم لما كانوا عليه من المقامات فى الدين والله، فتلقيت بالقبول من يومئذ، فلما رجع الناس إلى التحقيق والتمحيص، وجاء أبو محمد بن عطية من المتأخرين بالمغرب، فلخص تلك التفاسير كلها، وتحرى ما هو أقرب إلى الصحة منها، ووضع ذلك فى كتاب متداول بين أهل المغرب والاندلس حسن المنحى وتبعه القرطبى فى تلك الطريقة على منهاج واحد فى كتاب آخر مشهور بالمشرق ا. هـ.
والناظر فى هذا التفسير يجد أنه يذكر الآية ثم يفسرها تفسيرا سهلا شاملا مختصرا ثم يورد بعض ما يتصل بالآية مما ينتقيه من المأثور، وأكثر ما يختار منه من تفسير الطبرى، وقد يعرج بالرد على رواية والانتقاد لمنقول..
ويظهر فى تفسيره الاهتمام باللغة العربية، والعناية باستخراج المعانى على اساس منها، كما أنه يذكر فى أحيان كثيرة القراءات المختلفة ويستخرج المعانى المستنبطة على أساسها.
وقد تأثر تفسير ابن عطية كثير من مشاهير المفسرين كالقرطبى وابن حيان والثعالبى فاستفادوا منه ونقلوا عنه، وكان له فى تفاسيرهم الأثر المحمود فيما يتصل بالمنهج، وفيها يتصل بالمضمون.
ومع الأهمية المتزايدة لهذا التفسير فما زال مخطوطا متنافر الأجزاء بين المكتبات المختلفة ويوجد منه فى دار الكتب المصرية اربعة أجزاء من مجموع الكتاب ويقع فى عشر مجلدات كبار..
وقد استفاد ابن عطية فى تفسيره بالإضافة إلى تفسير الطبرى بتفسير المهدوى المسمى (التفصيل الجامع لعلوم التنزيل) الذى قال عنه فى مقدمة تفسيره: إنه متقن التأليف، وانتقد اسلوبه فى عدم تتبع الألفاظ، بأنه مفرق للنظر، مشعب للفكر.
أما عن مصنف هذا التفسير فهو القاضى أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن غالب، ابن عطية المحاربى.