أما مكانة المؤلف فى نظر العلماء فيكفينا أن نقول: إن الإمام فخر الدين الرازى صاحب التفسير المشهور والذى بلغ فى علم الكلام القمة، كان يقرن الراغب الأصفهانى بحجة الإسلام الإمام الغزالى.
والواقع أن بينهما شبها كبيرا، وألوان الشبه: ان كلا منهما كان من أهل السنة وكان كلاهما يرد على المعتزلة، وكان كلاهما مهتما بالأخلاق، وذلك لأن الأخلاق من الأسس الأصيلة التى تقوم عليها المجتمعات الصالحة.
وكتابة «المفردات» الذى نكتب عنه اليوم من الكتب التى لا غنى لعالم من علماء الإسلام عنها، وهو يتحدث فيه عن مفردات القرآن: يتتبع اللفظ فى الآيات القرآنية شارحا له فيها متحدثا عن مفاهيمه فى مختلف المواضع مستأنسا على ذلك بالحديث الشريف أو بأشعار العرب، وقد أجاد إجادة تامة فى الوصول إلى غايته وهى تفسير ألفاظ القرآن.
وقد رتب كتابه على ترتيب الحروف الهجائية، وذلك ليسهل الكشف فيه.
وهذا الكتاب يعتبره المؤلف «حلقة» بين حلقتين، احداهما سابقة قد تحققت أما الثانية: فإنها كانت فى عزم المؤلف عند ما شرع فى تأليف هذا الكتاب، ونترك المؤلف يعبر عن ذلك بقلمه، إنه يقول:
«وقد استخرت الله تعالى فى إملاء كتاب مستوفى فيه مفردات ألفاظ القرآن على حروف التهجى فتقدم ما أوله الألف ثم الباء على ترتيب حروف المعجم معتبرا فيه أوائل حروفه الأصلية دون الزوائد والإشارة فيه إلى المناسبات التى بين الألفاظ المستعارات منها والمشتقات حسبما يحتمل التوسع فى هذا الكتاب واحيل بالقوانين الدالة على تحقيق مناسبات الألفاظ على الرسالة التى عملتها مختصة بهذا الباب ففي اعتماد ما حررته من هذا النحو استغناء فى بابه من المثبطات عن المصارعة فى سبيل الخيرات وعن المسابقة إلى ما حثنا عليه بقوله تعالى سابقوا إلى مغفرة من ربكم سهل الله علينا الطريق إليها واتبع هذا الكتاب إن شاء الله تعالى ونسأ فى الأجل بكتاب ينبئ عن تحقيق الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد وما بينها من الفروق الغامضة فبذلك يعرف


الصفحة التالية
Icon