كيف ينعم بجماله، ويشعر بالروعة فى محيط جلاله؟
ان النفوس الطموحة كلما ازدادت علما، ازدادت شعورا بالنقص، والكمال لله وحده، ولقد أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أن يقول:
رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (سورة طه الآية ١١٤) وشعر أبو الحسن بالرغبة الملحة فى القرب من الله، وفى أن يستضيء قلبه بنور المعرفة، وفى أن يكشف الله له الحجب.
كيف يروى هذه الرغبة، كيف يسير فى الطريق، من أين يبدأ؟
لقد رسم الأول الطريق: ان البدء، البدء الميسر السهل، البدء الذى يأمن الانسان عواقبه انما يكون طريقه خبير سير الطريق، ومحص السبل، وكشف عن المزالق والاخطار، واستنار قلبه بالطريق القاصد إلى الله.
أين يجد هذا الشيخ ما السبيل إليه؟
ان بغداد منذ عهد العباسيين، كانت دائما محط أنظار طلاب الدنيا، وطلاب الدين.
ولقد كانت تضم كبار الفقهاء، وأعلام المحدثين، والقمم العوالى من الصوفية، كما تضم كبار الساسة والقادة، كان ذلك فى عهدها الزاهر فهل يا ترى هى كذلك فى القرن السابع الهجرى؟
واذا لم يكن لها كل البريق المادى الاول فهل بها على الاقل من الصوفية من يرسم الطريق عن خبرة، ومن يسلك بالمريد السبل دون أخطاء؟
وتحمل الرغبة الملحة أبا الحسن على السفر، انها هجرة إلى الله، انها هجرة النفس الطلقة الشفافة.
وهى هجرة يسير بها الامل، ويتخللها الاشفاق، وتصاحبها فى كل الاوقات اسئلة لا جواب لها: