القوى الدراكة وهى القوى المدركة والحافظة والحافظة، وذلك من عالم الغيب لا من عالم الشهادة.. فلا جرم تأخر عن الوجه واليدين إذ قواهما تظهر- فى عالم المشاهدة من الابصار والذوق والنطق..
ومن التقدم بالشرف قوله تعالى: «من النبيين والصديقين»..
ومنه تقديم السمع على البصر، وسميع على بصير، لأن السمع يدرك أخبار الأوائل والأواخر واحكام الآخرة.. وأيضا يدرك ما غاب وحضر، والبصر إنما يتعلق بالحاضر فكان ادراك السمع أعم، والأعم ابدا قبل الأخص بالرتبة.. وقد جعل تقديم الجن على الانس من التقديم بالشرف لاشتمال الجن على الملائكة، وقال سبحانه: «وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا».
وقال الأعشى:
وسخر من جن الملائك سبعة قياما لديه يعملون بلا أجر ونحوه قوله تعالى:
لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ.
(سورة الرحمن الآية ٧٤).
وقوله: فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ..
(سورة الرحمن الآية ٣٩) وقوله تعالى:
وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً.
(سورة الجن الآية ٥) الجن فى ذلك كله لا يتناول الملائكة لنزاهتهم عن العيوب، ولا يتوهم عليهم الكذب وسائر الذنوب، فلما لم يتناول الملائكة عموم لفظ الجن بدأ بالاتى لفضلهم..


الصفحة التالية
Icon