ونأخذ عليه: أن أسلوبه يعلو على مستوى العامة، حيث حشد مفسره فيه ألوانا من العلوم المتعلقة بالقرآن لا يفهمها إلا من عنده فكرة سابقة عنها.. وفى آية المائدة التى ذكرناها سابقا يذكر آراء عن الحسن وعن وهب وعن غيرهما دون أن يوجه نظره إلى ما رواه الترمذى بسنده عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
(انزلت المائدة من السماء خبزا ولحما.. الخ الحديث)..
والواقع أنه على الرغم من منزلة الإمام النسفى الكبرى فإن مكانته فى علم الكلام هى مناط شهرته، ومصدر ذيوع صيته، أما تفسيره على ما له من مكانة كبيرة لا تنكر، ومن منزلة سامية لا يشك فيها، فإنه- كان فيه عالة على تفسير الإمام البيضاوى، وعلى تفسير الإمام الزمخشرى، فى مجال معين هو مجال الجوانب البلاغية التى برع فيها جار الله الزمخشرى ولم يجاره فيها مجار والإمام النسفى وإن كان عنى عناية بالغة بالرد على الإمام الزمخشرى فإنه تبنى كل ما كتبه الإمام الزمخشرى تقريبا فى البلاغة القرآنية.
ورحم الله الإمام النسفى رحمة واسعة جزاء زهده ونشره للعلم فقها وأصولا وكلاما وتفسيرا.
نماذج من تفسير النسفى
١ - يقول الله تعالى:
وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ، خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ
(سورة التوبة لآية ١٠٠)