ثم شرع فى التفسير:- والمتأمل فى تفسيره يجد أنه قد نحا فيه نحو الاختصار، وركز فيه الافكار، ووجه الانظار إلى ما تشتمل عليه الآيات فى كثير من نواحى الاعراب والفقه والاصول ونحو ذلك، معتمدا على ما سبقه من التفاسير كتفسير الكشاف والرازى ونحوهما..
وقد افاض العلماء فى الحديث عن هذا الكتاب محللين ومبينين، فقال السيوطى فى حاشيته عليه:- إن القاضى ناصر الدين البيضاوى لخص هذا الكتاب فاجاد، وأتى بكل مستجاد وماز فيه أماكن الاعتزال، وطرح موضع الدسائس وازال، وحرر مهمات، واستدرك تتمات، فظهر كأنه سبيكة نضار، واشتهر اشتهار الشمس فى رابعة النهار، وعكف عليه العاكفون، ولهج بذكر محاسنه الواصفون، وذاق طعم دقائقه العارفون، فاكب عليه العلماء تدريسا ومطالعة، وبادروا إلى تلقيه بالقبول رغبة فيه ومسارعة..
وقال صاحب كشف الظنون:- تفسيره- أى البيضاوي- كتاب عظيم الشأن، غنى عن البيان، لخص فيه من الكشاف ما يتعلق بالاعراب والمعانى والبيان، ومن التفسير الكبير- رأى الرازى- ما يتعلق بالحكمة والكلام، ومن تفسير الراغب ما يتعلق بالاشتقاق وغوامض الحقائق ولطائف الاشارات، وضم إليه ما ورى زناد فكره من الوجوه المعقولة، فجلا رين الشك عن السريرة، وزاد فى العلم بسطة وبصيرة كما قال مولانا المنشى..
اولوا الالباب لم ياتوا... بكشف قناع ما يتلى
ولكن كان للقاضى... يد بيضاء لا تبلى
ولكونه متبحرا فى ميدان فرسان الكلام فاظهر مهارته فى العلوم حسبما يليق بالمقام كشف القناع تارة عن وجوه محاسن الاشارة وملح الاستعارة، وهتك


الصفحة التالية
Icon