لقد روى أبو داود وغيره بسند صحيح عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:
«ان الله يبعث إلى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها».
والناس من قديم يتنازعون فى شخصية المجدد لكل قرن، ويختلفون على اسمه، وقد أرضى الامام بن كثير أغلب العلماء حين عمم فى الموضوع وجعله شاملا لكثيرين. انه يقول:
«وقد ادعى كل قوم فى امامهم أنه المراد بهذا الحديث، والظاهر أنه يعم جملة من العلماء من كل طائفة وكل صنف ومن مفسر ومحدث وفقيه ونحوى ولغوى وغيرهم».
وعن ذلك وعن تقدير الامام السيوطى القارى فى شرح المشكاة:
«شيخ شيوخنا السيوطى هو الذى أحيا علم التفسير فى الدر المنثور، وجمع جميع الاحاديث المتفرقة فى جامعه المشهور، وما ترك فنا الا فيه له متن أو شرح مسطور، بل وله زيادات ومخترعات يستحق أن يكون هو المجود فى القرن العاشر كما ادعاه وهو فى دعواه مقبول ومشكور.
ونختم هذا بقول العارف بالله الشيخ الحافظ التيجانى أطال الله فى عمره:
«ولما بلغ العلامة السيوطى أربعين سنة من عمره أخذ فى التجرد للعبادة والانقطاع إلى الله تعالى والاشتغال به صرفا والاعراض عن الدنيا وأهلها كأنه لم يعرف أحدا منهم وشرع فى تحرير مؤلفاته التي سبقت الاشارة إليها وترك الافتاء والتدريس واعتذر عن ذلك فى مؤلف ألفه فى ذلك وسماه بالتنفيس، وأقام فى روضة المقياس فلم يتحول منها إلى أن مات، ولم يفتح طاقات بيته التى على النيل من سكناه، وكان الأمراء والأغنياء يأتون إلى زيارته ويعرضون عليه الأموال النفيسة فيردها وأهدى
إليه القوم خصيا وألف دينار فرد الألف وأخذ الخصى فأعتقه وجعله خادما فى الحجرة النبوية، وقال لقاصد


الصفحة التالية
Icon