لقد أعلنوا أنهم ينسخون الخمس ورقات بدرهم، ولم يجد معهم الحديث الإنسانى! وعند ذلك أعلن الفراء أنه سيملى من جديد، وبدأ فعلا، وجاء الناس باقلامهم ومحابرهم ولما رأى الوراقون ذلك أتوا إلى الفراء ورضوا أن ينسخوا كل عشر ورقات بدرهم، وتم الاتفاق على ذلك.
وعن هذا التفسير بقول ثعلب:
«لم يعمل أحد قبله مثله، ولا أحسب أن أحدا يزيد عليه».
وقد كان من الطبيعى أن الفراء كان مهمّا- وفى الدرجة الأولى- بالنحو كعلم له خطره. من بين العلوم، ثم استخدمه فى تفسير القراءات وتعليل وجوهها من العربية ويمكن أن يقال ان اهتمامه الزائد بالقراءات هو الذى جعله يهتم اهتماما مماثلا بالنحو! والقراءات ليست علما للعلم فقط. وإنما هى مرتبطة بالمعنى ارتباطا وثيقا، ومن هنا كان اهتمام كثير من المفسرين بها.
وكما اهتم بالقراءات وبالنحو، فإنه اهتم بأسباب النزول واهتم من قبل ذلك ومن بعد بجمال الأسلوب القرآنى، وبالمعنى اهتماما كبيرا، وما كان ذلك إلا من أجل الدقة فى بيان المعنى لتقريره.
نماذج من تفسيره:
ونذكر هنا عددا من النماذج المختصرة:
ففي مجال اهتمامه بتوجيه القراءات وما تدل عليه من معنى يذكر فى تفسير قوله تعالى من سورة النجم.
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ.
(الآية ٣٢) يقول: قرأ يحيى بن وثاب «كبير» وفسر عن ابن عباس أن كبير الإثم هو: الشرك فهذا موافق لمن قرأ «كبير الاثم» بالتوحيد- يعنى: الإفراد دون


الصفحة التالية
Icon