على السنة وتفقه فيها وغوص على اسرارها، واحاطة وباع مديد فى علم الاجتماع البشرى وعوارضه، والمام بمنتجات العقول ومستحدثات الاختراع... ومستجدات العمران، يمد ذلك قوة خطابية قليلة النظير، وقلم كاتب لا تفل له شباة.
ولقد مكث ابن باديس يدرس تفسير القرآن الكريم فى مدى خمسة وعشرين عاما دون فتور أو انقطاع، وحينما اتمه كان يوم عيد فى الجزائر وعن ذلك يقول الشيخ البشير «بارك الله فى عمر الاستاذ فأتم تفسير كتاب الله ببيانه المشرق فى خمس وعشرين عاما، من غير ان تختل اعماله العلمية الكثيرة، ولا أعماله المستغرقة لدقائقه فى سبيل النهضة.
وعرفت الامة الجزائرية قيمة ما اتم الله على يد الاستاذ فاحتفلت بهذا الختم كأعظم ما تحتفل أمة ناهضة باثر ناجح من جهودها.
وكان من الاحسان فى هذا العمل العظيم ومن الاحسان للنهضة أن تسجل من هذا الاحتفال صورة منبهة على حقيقته فصدر عدد من (الشباب) وهو لسان حال هذه النهضة- خاصا بهذه المنقبة، مخلدا لهذا الاثر، مسجلا لبعض أوصافه وما قيل فيه.
ونحن بمالنا من الصلة الوثيقة بهذه النهضة، ومن العمل النزر فيها نغتبط بهذه الخطوة السديدة، وهذه المرحلة الجديدة، التى تمت بختم التفسير.
وعن ابن باديس يقول الدكتور: محمد البهى:
«والامام عبد الحميد بن باديس»
رئيس جمعية العلماء بالجزائر، وباعث النهضة الاسلامية العربية فيها، وفائد الثورة ضد الاستعمار الفرنسى فى هذه البلاد العزيزة، واحد العلماء المصلحين المفكرين الرواد فى الوطن الاسلامى والعربى، وهم- مع الاسف- لم يكونوا كثرة فى العدد وان كانوا قوة فى الاثر».


الصفحة التالية
Icon