واللب هنا هو الروح التى بها حياة القلب التى بها الاستعداد للتلقى عن الله، ومنها آيات يخاطب الله بها الفكر فى قوله تعالى:
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الروم: ٢١) والفكر قوة تتجول فى الآثار وترجع بالمعلومات وتعرضها على العقل فيثبت منها ما شاء فهو وزير العقل.
ومن الآيات ما يخاطب الله به القوة الذاكرة، وهى المعبر عنها بالحافظة فى قوله: إنّ فى ذلك لآيات لقوم يتذكّرون.
والذاكرة قوة تبحث عن معلوماتها الأولية التى اشتغلت عنها بالمظاهر الحسية، فبالتذكر يصل العبد إلى ذكر العهود الأولية، وذكر النعم الالهية الظاهرة والباطنة.
ولم ترد آية فى القرآن تقول: إن فى ذلك لآيات لقوم يتخيلون أو لقوم يتوهمون فما أوقع الناس فى التيه والغرور الا شيطان الوهم وزخارف الخيال والقرآن يتكلم فى صميم الحقائق والرجل من تباعد عن الخيالات والأوهام وتمسك بالحقائق الناصعة.
ومن الآيات ما يخاطب بها أهل العلم والعرفان بقوله:
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ (الروم: ٢٢) ويخاطب أهل الإيمان بقوله:
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (الروم: ٣٧) والإيمان قوة فى القلب تفتح له عيونا يشرف بها على معانى الهيبة الالهية والجلال فيؤمن بالغيب ويرى أن كل السمعيات التى وردت عن الشارع الحكيم كأنها مشهودة أمامه ويخاطب الله أهل السمع بقوله:
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (الروم: ٢٣)