والآن نأتى بنموذج من تفسيره:
قوله: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ (البقرة: ٤٥) أراد الحق تعالى أن يصف دواء نافعا للامراض القلبية فبين دواء مركبا من عنصرين:
الأول: الصبر، وهو حبس النفس عن شهواتها طلبا للثواب من الله تعالى، والصبر أساس كل فضيلة، وما وصل إنسان إلى المعالى الاعلى معراج الصبر، والصبر أقسام:
- صبر على طاعة الله وجهاد النفس، وصبر عن معصية الله ومحارمه.
- وهناك صبر مذموم وهو الصبر عن حبيبك وهو الله تعالى فتنساه وتتسلى بغيره...
ومتى تعود العبد الصبر وتخلق به صار صبورا والصابر يعطى أجره بغير حساب. قال تعالى: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ.
والصوم من الصبر لأنه يمنع النفس عن شهواتها.
قوله: «والصلاة» هى الخضوع والخشوع لله بالقلب والجوارح، ومتى تمكن العبد من الصبر فى طوايا نفسه والخشوع فى ضميره وجوارحه فقد استعان على تزكية نفسه وتطهيرها واقبالها على الله، وكأن النفس وحظوظها كجيش محارب والسلاح الذى يقهرها هو الاستعانة التى وصى بها الله بالصبر والصلاة.
قوله: وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ يعنى الصلاة كبيرة يعنى ثقلية على النفوس.
قوله: إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ يعنى الاستعانة بالصلاة سهلة لذيذة على أهل الخشوع وهم الذين عرفوا الله وطلبوا رضاه واعتقدوا أن الدنيا دار سفر فصبروا على مشاقها وأن الصلاة قرة أعينهم لأنها تدخلهم فى حضرة مولاهم وتؤنسهم بجنابه، أ. هـ وتنبهت القلوب وكأنها قالت: يا رب بين أهل الخشوع لنعرفهم. فقال تعالى:


الصفحة التالية
Icon