المعتبرين فى فهم الآيات وتنزيلها على إشارات تتعلق بإصلاح السلوك واخلاص العبودية فضلا عما يدور بين الناس من معانيها الظاهرة.
إن ما يقوله الصوفية حول آيات من القرآن الكريم إنما هو الهامات واشراقات بتوفيق الله رائعة، وهم فى هذا الميدان يسمون الهاماتهم: إشارات، يعنون بذلك أن الآيات القرآنية لها تفسير بحسب اللغة وأسباب النزول وحوادث التاريخ، وهو تفسير يتفاوت دقة وجمالا، ولكنه مع ذلك تفسير لا يستنفد كل ما تعطيه الآيات القرآنية من اشارات، وما يشع عنها من انوار، وما يتضوع عنها من عبير طيب، وينبغى علينا أن نلاحظ أن هذه الاشارات لا تهدف فى قليل ولا فى كثير إلى أن تحل محل التفسير المألوف كما أن هذه الاشارات لا تتعارض مع التفسير المالوف.
انها اشارات وليست تفسيرا، ومن أجل ذلك فإنه لا تعارض بين الصوفية والمفسرين.
ونستطيع أن نقول: ان نقد الكتاب إنما يتجه لو كان مؤلفه يرى أن ما يقوله هو وحده الذى تفيده الآية. أما إذا اعتقد أن ما ذكره جهد يضاف إلى جهود، وتسليط للضوء على جانب من الجوانب التى تفيدها الآية، فإن النقد حينئذ يصبح غير ذى موضوع.
وإليك نماذج من تفسيره لتتمكن من الحكم عليه على بصيرة:
قال تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ (سورة الأنفال الآية ٢٧) قال أبو عثمان: من خان الله تعالى فى السر هتك ستره فى العلانية، قال بعضهم: فى هذه الآية خيانة الله تعالى فى الاسرار وحب الرئاسة وإظهار خلاف الاضمار، وخيانة الرسول عليه السّلام فى آداب الشريعة، وترك