واختلفت أنظار المفسرين وطرقهم ومناهجهم فى التفسير تبعا لاختلاف مشاربهم، فمنهم من غلبت عليه النزعة الفكرية العقائدية فتوسع توسعا كبيرا فى شرح الآيات
المتصلة بهذه المعانى، ومنهم من غلبت عليه النزعة الفقهية الشرعية فتوسع توسعا كبيرا فى هذه النواحى وهكذا من توسع فى القصص والأخبار ومن توسع فى الأخلاق والتصوف والمواعظ وآيات الله فى الأنفس والآفاق وغير ذلك.
كذلك كان من المفسرين من أطال ومنهم من أوجز واختصر ومنهم من توسط بين هذا وذاك.
ولقد ترك هؤلاء وهؤلاء ثروة علمية ضخمة. أبانت عن جهود أمة.. خدمت كتاب ربها وعنيت به عناية فائقة... لا يسبقها فى ذلك أمة.. حفظا وضبطا وشرحا واستنباطا لمسائل الشريعة الغراء لتكون الأمة الإسلامية كما أراد الله لها خير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر وتؤمن إيمانا حقيقيا بالله سبحانه وتعالى.
ولم تقف الحركة الفكرية عند المسلمين يوما بالنسبة لكتاب الله سبحانه بخاصة فى هذا العصر الحديث الذى امتاز بالتقارب بين الأجناس، وتكاثرت وسائل الاتصال فيه بين الأمم والشعوب وانتعشت فيه وسائل العمران البشرى على وجه العموم، وما زالت هذه المناهج فى تفسير القرآن إلى الآن على ما كانت عليه فى السابق من تفسير بالمأثور، وتفسير بالرأى، وتفسير جامع بين المأثور والرأى، وما زال القرآن هو الكوكب الدرى الذى يضيء الطريق للساكنين، وينشر ضياءه فى الخافقين، أما ما أضافه العلماء فى العصر الحاضر إلى ذلك، فهو ما يتصل بما أشار إليه القرآن الكريم من أفكار علمية، وحقائق كشف عنها التقدم فى عصرنا الحاضر، ويسرف بعض الناس فى ذلك فيحملون القرآن ما لا يحتمل أو يخرجون باللفظ عن معناه الذى يتطلبه السياق.
وعلى كل حال فهى- إن حسنت النية- محاولات فيها اجتهاد يسير فى إطار الآية القرآنية الكريمة: