وابن عاشور- فى هذا المثال- فى دفاعه عن الرسم العثمانى وقراءة المسلمين لأمثال هذه الآية دون نكير يأتى بآيات أخرى تدل على اضطراد هذه القراءات فى القرآن الكريم على أن ذلك كان معروفا عند العرب حيث يمكن عطف الأسماء الدالة على صفات المحامد على أمثالها، فيجوز فى بعض المعطوفات النصب على التخصيص بالمدح" أخص أو أمدح"" المقيمين"، كما يجوز أيضا الرفع على الاستئناف" المقيمون" وذكر ما قاله سيبويه فى هذا الشأن، وما استدل عليه من بيتى الخرنق السابقين، وما رواه يونس بن حبيب بشأنهما، وما جرى وقوعه فى القرآن على هذا النحو.
وفى قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (سورة المائدة: الآية ٦٩).
ذكر ابن عاشور:
«موقع هذه الآية دقيق، ومعناها أدق، وإعرابها تابع لدقة الأمرين، وإعرابها يتعقد إشكاله بوقوع قوله" الصائبون" بحالة رفع بالواو فى حين أنه معطوف على اسم- إنّ- فى ظاهر الكلام.
واعلم أن هذه الجملة يجوز أن تكون استئنافا بيانيا ناشئا على تقدير سؤال يخطر فى نفس السامع لقوله: يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ (١)، فيسأل سائل عن حال من انقرضوا من أهل الكتاب قبل مجىء الإسلام، هل هم على شىء، أو ليسوا على شىء، وهل نفعهم اتباع دينهم

(١) سورة المائدة: الآية ٦٨.


الصفحة التالية
Icon