بنو هاشم يخرج من بطونهم العلم، فقال له رجل: جعل الله طعامك وشرابك مما يخرج من بطون بنى هاشم، فضحك المهدى وحدث به المنصور فاتخذوه أضحوكة من أضاحيكهم» (١).
واستقل ابن عاشور كثيرا فى بيان وجوه إعجاز القرآن سواء فى الحرف الواحد، أم اللفظة الواحدة، أم الجملة الواحدة، يبين موضع كل منهم ودوره فى مقصد الآية على طريقة العرب فى كلامهم المصفى الذى تراعى فيه آداب اللغة ومحاسنها وخلوصها من أى شوب متفوقا عليها متحديا لأصحابها، فيه ما فيه من حقائق وصفاء وتأثير ونقاء، ولم يطلق أحكامه دون تعريف أو تحديد، وإنما كان فى أحكامه هذه محددا للأسباب، كاشفا عن العلات، خبيرا يفسر- قدر طاقته- كتاب الله وإيحاءاته النبيلة.
ومن ذلك ما ذكره فى تفسير قوله تعالى: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ.... (سورة البقرة:
الآية ٢٥٥).
«وجملة" لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ" تقرير لانفراده بالإلهية إذ جميع الموجودات مخلوقاته، وتعليل لاتصافه بالقيومية، لأن من كانت جميع الموجودات ملكا له فهو حقيق بأن يكون قيومها وألا يهملها، ولذلك فصلت الجملة عن التى قبلها.
واللام للملك، والمواد بالسماوات والأرض استغراق أمكنة الموجودات، فقد دلت الجملة على عموم الموجودات بالموصول وصلته، وإذا ثبت ملكه لعموم ثبت أنه لا يشذ عن ملكه موجود فحصل معنى الحصر،

(١) التحرير والتنوير، ج ١٤، ص ٢١٠.


الصفحة التالية
Icon