«وشرط كون ذلك مقبولا أن يسلك فيه مسلك الإيجاز، فلا يجلب إلا الخلاصة من ذلك العلم، ولا يصير الاستطراد كالغرض المقصود له، لئلا يكون كقولهم السىّ بالسىّ يذكر» (١). أى يجلب المفسر خلاصة النافع المفيد من هذه العلوم، ولا يكون الاستطراد مسلكه لتبقى له صفته الأولى كمفسر.
ومن وجوه الخلاف التى وقعت بين جماعة من العلماء فى تفسير القرآن بعلوم الحكمة ذكر ابن عاشور:
«فأما جماعة منهم فيرون من الحسن التوفيق بين العلوم غير الدينية وآلاتها وبين المعانى القرآنية، ويرون القرآن مشيرا إلى كثير منها، قال ابن رشد الحفيد فى فصل المقال: «أجمع المسلمون على أن ليس يجب أن تحمل ألفاظ الشرع كلها على ظاهرها، ولا أن تخرج كلها عن ظاهرها بالتأويل، والسبب فى ورود الشرع بظاهر وباطن هو اختلاف نظر الناس، وتباين قرائحهم فى التصديق» (٢).
ويقول عن ابن عربى:
«وذهب ابن عربى فى العواصم إلى إنكار التوفيق بين العلوم الفلسفية والمعانى القرآنية، ولم يتكلم على غير هاته العلوم، وذلك على عادته فى تحقير الفلسفة لأجل ما خولطت به من الضلالات الاعتقادية، وهو فى ذلك مستخف بالحكماء» (٣).
ثم يفصل القول فى الحاجة إلى العلوم التى لها علاقة بالقرآن الكريم وحاجة المفسر إليها:

(١) السي بسين: مهملة مكسورة وتحتية مشددة، والنظير والمثيل. وانظر التحرير والتنوير، ج ١، ص ٤٣.
(٢) التحرير والتنوير، ج ١، ص ٤٣.
(٣) التحرير والتنوير، ج ١، ص ٤٥.


الصفحة التالية
Icon