العابد من المعبود، قيل للشبلى- رضى الله عنه- أنت الشبلى؟ فقال: أنا النقطة التى تحت الباء، وهو قولنا: النقطة للتمييز بين العابد والمعبود، وهو وجود العبد بما تقتضيه حقيقة العبودية، وكان الشيخ أبو مدين يقول: ما رأيت شيئا إلا ورأيت الباء عليه مكتوبة" (١).
وذكر عن رمزية السين:" ثم إنه سكن السين من" بسم" تحت ذل الافتقار والفاقة، كسكوننا تحت طاعة الرسول لما قال تعالى مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ (٢) فسكنت السين من" بسم" لتتلقى من الباء الحق اليقين، فلو تحركت" السين" قبل أن تسكن لاستبدت بنفسها، وضيف عليها من الدعوى وهى سين مقدسة، فسكنت، فلما تلقت من الباء الحقيقة المطوية أعطيت الحركة فلم تتحرك فى بعض المواطن إلا بعد ذهاب الباء.... " (٣).
ونقل الدلالة المباشرة للفظ إلى دلالة غير مباشرة على هذا النحو يعد عند الصوفية إشارة إلى معنى باطن مخزون تحت كلام ظاهر، ونوع من أنواع التجربة الذاتية عند المتصوف، ومرحلة من مراحل" الكشف" التى يمر بها.
الحروف المقطعة:
والحروف المقطعة، أو فواتح بعض السور يؤولها المتصوفة تأويلات مختلفة، وقد أخذ تأويلها عند ابن عربى فى" الفتوحات" حيزا كبيرا وعامة الحروف عنده ما لها اختصاص قرآنى، وما ليس لها هذا الاختصاص، وحروف

(١) المصدر السابق ص ١٣٤.
(٢) سورة النساء: الآية ٨٠.
(٣) الفتوحات المكية، السفر الثالث ج ٩ ص ١٣٩ وانظر التحرير والتنوير ج ١ ص ١٣٧ وما بعدها" الكلام على البسملة"


الصفحة التالية
Icon