وهذا على نحو أو آخر يعد تطابقا فيما ذهب إليه ابن عاشور والزمخشرى، حيث انتهى كل منهما إلى أن" الوجه" تعبير عن الذات.
وقد جرى ابن عاشور فى تفسيره لمثل هذه الآيات على هذا النحو (١)، ولا خلاف بينه وبين الزمخشرى، قد يسهب صاحب التحرير والتنوير، وقد يوجز صاحب الكشاف، ولكنهما فى نهاية الأمر يتفقان على عدم الأخذ بظاهر القرآن فى تفسير آيات الصفات.
وهذا التطابق ينحصر فى هذه الدائرة، ومن المؤكد أن هناك اختلاف بين الإمامين وقع فى مسائل عديدة، منها ما ذكره ابن عاشور فى تفسير قوله تعالى: إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ (٢).
«وأما الذين رأوا الاتحاد بين معانى الإرادة والمشيئة والرضى وهو قول كثير من أصحاب الأشعرى وجميع الماتريدية فسلكوا فى تأويل الآية محل لفظ" لعباده" على العام المخصوص، أى لعبادة المؤمنين واستأنسوا لهذا المحمل بأنه الجارى على غالب استعمال القرآن فى لفظة" العباد" لاسم الله، أو ضمير قوله عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ (٣). قالوا: فمن كفر فقد أراد الله كفره ومن آمن فقد أراد الله إيمانه، والتزم كلا الفريقين" الأشاعرة والماتريدية" أصله فى تعلق إرادة الله وقدرته بأفعال العباد الاختيارية المسمى بالكسب ولم يختلف إلا فى نسبة الأفعال للعباد أهي حقيقة أم مجازية، وقد عد الخلاف فى تشبيه الأفعال بين الفريفين لفظيا.

(١) انظر التأويل عند ابن عاشور ج ١١ ص ١٧٢.
(٢) سورة الزمر الآية ٧.
(٣) سورة الإنسان الآية ٦.


الصفحة التالية
Icon