وأكفرته القدرية فى قوله: (إن الله تعالى خالق أعمال العباد) فاتفق أحناف الأمة على تكفيره" (١).
وتتلاقى معظم هذه الأقوال مع الأقوال الجعد بن درهم الذى قال بالقدر وخلق القرآن والتعطيل.
وذكر ابن عاشور فى تفسير قوله تعالى: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (٢).
وسبب هذه الضلالة العارضة لأهل الضلال من الأمم التى تلوح فى عقول بعض عوام المسلمين فى معاذيرهم للمعاصى والجرائم أن يقولوا: أمر الله أو مكتوب عند الله أو نحو ذلك. هو جهل بأن حكمة الله تعالى فى وضع نظام هذا العالم اقتضت أن يجعل حجابا بين تصرفه تعالى فى أحوال المخلوقات، وبين تصرفاتهم فى أحوالهم بمقتضى إرادتهم، وذلك الحجاب هو ناموس ارتباط المسببات بأسبابها، وارتباط أحوال الموجودات فى هذا العالم بعضها بعض، ومنه ما يسمى بالكسب والاستطاعة عند جمهور الأشاعرة، ويسمى بالقدرة عند المعتزلة وبعض الأشاعرة، وذلك هو مورد التكليف الدال على ما يرضاه الله وما يرضى به، وأن الله وضع نظام هذا العالم بحكمة، فجعل
قوامه هو تدبير الأشياء أمورها من ذواتها بحسب قوى أودعها فى الموجودات لتسعى لما

(١) الفرق بين الفرق ص ١٥٨ ط ١ القاهرة ١٩٩٨ م.
(٢) سورة الأنعام الآية ١٤٨.


الصفحة التالية
Icon