وفى الإتقان: إنها نزلت قبل سورة النساء، ولكن صح أن آية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (١) نزلت يوم عرفة فى عام حجة الوداع. ولذلك اختلفوا فى أن هذه السورة نزلت متتابعة أو متفرقة، ولا ينبغى التردد فى أنها نزلت منجمة.
وقد روى عن عبد الله بن عمر وعائشة أنها آخر سورة نزلت، وقد قيل: إنها نزلت بعد النساء، وما نزل بعدها إلا سورة براءة، بناء على أن براءة آخر سورة نزلت، وهو قول البراء بن عازب فى صحيح البخارى، وفى مسند أحمد عن عبد الله بن عمر، وأسماء بنت يزيد: أنها نزلت ورسول الله فى سفر، وهو على ناقته العضباء، وأنها نزلت عليه كلها. قال الربيع بن أنس: نزلت سورة المائدة فى مسير رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى حجة الوداع.
وفى شعب الإيمان، عن أسماء بنت يزيد: أنها نزلت بمنى، وعن محمد ابن كعب: أنها نزلت فى حجة الوداع بين مكة والمدينة وعن أبى هريرة:
نزلت مرجع رسول الله من حجة الوداع فى اليوم الثامن عشر من ذى الحجة، وضعّف هذا الحديث. وقد قيل: إن قوله تعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (٢) أنزل يوم فتح مكة (٣).
«ويظهر عندى أن هذه السورة نزل بعضها بعد بعض سورة النساء، وفى ذلك ما يدل على أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد استقام له أمر العرب وأمر المنافقين ولم يبق فى عناد الإسلام إلا اليهود والنصارى.
(٢) سورة المائدة: الآية ٢.
(٣) التحرير والتنوير، ج ٦، ص ٦٨ - ٦٩.