ونرى أيضا من يستخدمه فى ترجيح قراءة على أخرى من القراءات المشهورة، أو دفع لما يوهم التعارض بين بعض الآيات.
ويقول ابن عاشور فى مقدمة التحرير والتنوير عن هذا النوع من التفسير:
«ولا يعد أيضا من استمداد التفسير ما فى بعض آى القرآن من معنى يفسر بعضا آخر منها، لأن ذلك من قبيل حمل بعض الكلام على بعض، كتخصيص العموم، وتقييد المطلق، وبيان المجمل، وتأويل الظاهر، ودلالة الاقتضاء، وفحوى الخطاب، ولحن الخطاب، ومفهوم المخالفة، وذكر ابن هشام فى المغنى اللبيب، فى حرف" لا" عن أبى على الفارسى أن القرآن كله كالسورة الواحدة، ولهذا يذكر الشيء فى سورة وجوابه فى سورة أخرى، نحو وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (١)، وجوابه ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) أهـ، وهذا كلام لا يحسن إطلاقه، لأن القرآن قد يحمل بعض آياته على بعض، وقد يستقل بعضها عن بعض، إذ ليس يتعين أن يكون المعنى المقصود فى بعض الآيات مقصودا فى جميع نظائرها، بله ما يقارب غرضها» (٣).
وقد سار ابن عاشور فى تفسير القرآن بالقرآن وفق هذا المفهوم الذى حدده فى الفقرة السابقة، ومن أمثلة ذلك ما ذكره فى توضيح معنى لفظة فى قوله تعالى:

(١) سورة الحجر: الآية ٦.
(٢) سورة القلم: الآية ٢.
(٣) التحرير والتنوير، ج ١، ص ٢٧.


الصفحة التالية
Icon