قبائل العرب، فخرج، فوقف على مجلس قوم من شيبان بن ثعلبة فى الموسم.
فدعاهم إلى الإسلام وأن ينصروه، فقال مفروق بن عمرو منهم: إلام تدعونا أخا قريش، فتلا عليهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ الآية. فقال: دعوت والله إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك» (١).
وعن مالك بن صعصعة وجابر بن عبد الله الأنصارى ذكر ابن عاشور فى قوله تعالى:
وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا* وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا (سورة مريم: ٥٦، ٥٧).
وقوله وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا قال جماعة من المفسرين هو رفع مجازى، والمراد: رفع المنزلة، لما أوتيه من العلم الذى فاق به على من سلفه. ونقل هذا عن الحسن، وقال به أبو مسلم الأصفهانى، وقال جماعة: هو رفع حقيقى إلى السماء، وفى الإصحاح الخامس من سفر التكوين، «وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه» وعلى هذا فرفعه مثل رفع عيسى- عليه السلام- والأظهر أن ذلك بعد نزع روحه وروحنة جثته، ومما يذكر عنه أنه بقى ثلاث عشرة سنة لا ينام ولا يأكل حتى تروحن، فرفع.
وأما حديث الإسراء فلا حجة فيه لهذا القول لأنه ذكر فيه عدة أنبياء غيره وجدوا فى السماوات. ووقع فى حديث مالك بن صعصعة عن الإسراء بالنبى- صلى الله عليه وسلم- إلى السماوات أنه وجد إدريس- عليه السلام-

(١) التحرير والتنوير، ج ١٤، ص ٢٥٩.


الصفحة التالية
Icon