ابن أبى بكر أهرقلة" أى اجعلتموها وراثة مثل سلطنة هرقل" فقال خذوه فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه، فقال مروان: إن هذا الذى أنزل الله فيه «والذى قال لوالديه أف لكما أتعدانني» فقالت عائشة من وراء حجاب، ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلا أن الله أنزل عذرى (أى براءتى) وكيف يكون المراد ب" الذى قال لوالديه أف لكما" عبد الرحمن بن أبى بكر وآخر الآية يقول" أولئك الذين حق عليهم القول" إلى" خاسرين" فذكر اسم الإشارة للجمع، وقضى على المتحدث عنهم بالخسران، ولم أقف على من كان مشركا وكان أبواه مؤمنين، وأياما كان فقد أسلم عبد الرحمن قبل الفتح فلما أسلم جب إسلامه ما قبله، وخرج من الوعيد الذى فى قوله أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ الآية. لأن ذلك وعيد، وكل وعيد فإنما هو مقيد تحققه بأن يموت المتوعد به غير مؤمن، وهذا معلوم بالضرورة من الشريعة. وتلقب عند الأشاعرة بمسألة الموافاة، على أنه قيل إن الإشارة بقوله" أولئك" عائدة إلى" الأولين" من قوله «ما هذا إلا أساطير الأولين» (١).
ومن الملحوظ فى أغلب الأمثلة السابقة حرص ابن عاشور فيما يرويه من أقوال الصحابة على ذكر مصادره مثل صحيح البخارى وصحيح مسلم وسنن ابن ماجة ومسند أحمد بن حنبل فضلا عن كتب التفسير.
ومن الملحوظ أيضا أن هذه الأقوال تناولت جوانب مختلفة من التفسير، فالمثال الأول وهو عن ابن عمر كان فى معنى مفاتيح الغيب وعددها، والمثال الثانى وهو عن ابن عباس كان حول استعمال بعض الصيغ، والثالث من هذه الأمثال وهو عن ابن مسعود دار حول إسلام عثمان بن مظعون وبعض الحوادث فى زمن الدعوة، والمثال الرابع عن مالك بن صعصعة، وجابر بن عبد

(١) التحرير والتنوير، ج ٢٦، ص ٣٧.


الصفحة التالية
Icon