ثم نزلت بقية السورة فى عرفة فى حجة الوداع (١) وفى قوله تعالى:
أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ الشعراء ١٩٧.
" وعن مقاتل نزل بالمدينة. وكان الذى دعاه إلى ذلك أن مخالطة علماء بنى إسرائيل كانت بعد الهجرة. ولا يخفى أن الحجة لا تتوقف على وقوع مخالطة علماء بنى إسرائيل؛ فقد ذكر القرآن مثل هذه الحجة فى آيات نزلت بمكة، من ذلك قوله: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (٢) فى سورة الرعد وهى مكية وقوله: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٣) فى سورة القصص وهى مكية.
وقوله: وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ (٤) فى سورة العنكبوت وهى مكية. وشأن علماء بنى إسرائيل مشهور بمكة، وكان لأهل مكة صلات مع اليهود بالمدينة ومراجعة بينهم فى شأن بعثة محمد ﷺ كما تقدم عند قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ فى سورة الإسراء ولذا فالذى نوقن به أن السورة كلها مكية... » (٥).
القرظى: هو أبو حمزة، أو أبو عبد الله، محمد بن كعب بن سليم بن أسد القرظى المدنى، من حلفاء الأوس، روى عن على، وابن مسعود، وابن عباس وغيرهم، وروى عن أبى بن كعب بالواسطة، وقد اشتهر بالثقة والعدالة والورع وكثرة الحديث وتأويل القرآن (ت ١١٨ هـ)
(٢) سورة الرعد: الآية ٤٣.
(٣) سورة القصص: الآية ٥٢.
(٤) سورة العنكبوت: الآية ٤٧.
(٥) مقاتل: هو مقاتل بن سليمان، كان يأخذ عن اليهود علم الكتاب، واتهمه أبو حنيفة بأنه مشبّه كذاب، وقال ابن المبارك فيه: ما أحسن تفسيره لو كان ثقة. (ت ١٥٠ هـ).