ما بعدكم، وحكم ما بينكم، لا يخلق على كثرة الردّ، ولا تنقضي عجائبه.
وأما من جهة الغرض، فلأن الغرض منه هو الاعتصام بالعروة الوثقى، والوصول إلى السعادة الحقيقية التي لا تفنى.
وأما من جهة شدّة الحاجة، فلأن كل كمال ديني أو دنيوي، عاجليّ أو آجلي، مفتقر إلى العلوم الشرعية والمعارف الدينية، وهي متوقفة على العلم بكتاب الله تعالى) (١).
لكن السؤال المطروح: ما هي الحاجة إلى التفسير؟ خاصة وأن الله أنزل القرآن الكريم واضحا بيّنا؟!
يقول الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى:
(إن القرآن إنما نزل بلسان عربي في زمن أفصح العرب، وكانوا يعلمون ظواهره وأحكامه، أما دقائق باطنه، فإنما كان يظهر لهم بعد البحث والنظر، مع سؤالهم النبي ﷺ في الأكثر، كسؤالهم لما نزل قوله تعالى: (وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) (٢).
فقالوا: وأيّنا لم يظلم نفسه؟!
ففسّره النبي صلى الله عليه وسلم، واستدل عليه بقوله تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (٣).
وكسؤال عائشة رضي الله عنها عن الحساب، فقال صلوات الله عليه: «ذلك العرض» (٤).

(١) الإتقان في علوم القرآن: ٤/ ١٧١ - ١٧٣ (باختصار وتصرف).
(٢) الأنعام: ٨٢.
(٣) لقمان: ١٣.
(٤) صحيح البخاري: رقمه (١٠٣)، صحيح مسلم: (٢٨٧٦).


الصفحة التالية
Icon