الصحابة تصويرا يدل على أنهم يتصفون بالغفلة والسذاجة، بحيث إنهم يصدّقون كل ما يرد عن (كعب الأحبار، ووهب بن منبه) وغيرهما، لكن الحقيقة هي أنهم كانوا يصدّقونهم في الأمور التي تتّفق مع الإسلام، ويسقطون كل ما يخالف الإسلام، ويتوقّفون عند كل ما يحتمل الصدق والكذب، ولا يسألون عن الشبهات.. ، وخاصة ما يتعلق بالعقيدة.
ولذلك لم يرد مطلقا أن الصحابة سألوا واحدا من أهل الكتاب عن طول سفينة نوح عليه السلام! أو عن اسم كلب أهل الكهف! أو عن صفة الغلام الذي قتله الخضر! ولا عن تفصيلات حكاية بقرة بني إسرائيل و... !!
فتلك من القضايا التي لا تقدّم ولا تؤخر، وليست من الأوليات، إنما هي من الأمور التي إن عرفها الإنسان فلا ضير، وإن لم يعرفها ولم يسأل عنها فلا ضير أبدا.
إذا:
الحاكم للمسألة، والقول الفصل فيها هو حكم الشريعة الإسلامية، دليل ذلك قول الرسول صلوات الله عليه: «لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم، وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون».
لكن- كما هي العادة- فقد أخذ ذلك بعض المستشرقين، ومن ثمّ سلّطوا عليه المجاهر المكبّرة، فاتّهموا الصحابة الكرام تهما لا تليق، واعتبروا أن كثيرا مما رواه الصحابة مكذوب وما إلى هنا لك، وذلك لأن مصدره أهل الكتاب.
من ذلك قول محمود أبو ريّة: (وتلقّى الصحابة ومن تبعهم كل ما يلقيه هؤلاء الدهاة- يقصد عبد الله بن سلام وكعب الأحبار ووهب بن


الصفحة التالية
Icon