ورحم الله الإمام الشافعي عند ما قال: لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث (١).
صحيح أن هناك طرقا صحيحة النسب إلى ابن عباس، كطريق معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة، وطريق قيس بن مسلم الكوفي عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير، وطريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد مولى آل زيد بن ثابت. و.. وغيرهم، لكن كثيرا من الطرق لم تصحّ ولم تثبت، كطريق محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح، وكطريق مقاتل بن سليمان الأزدي الخراساني، وغيرهما.. واستغلّ الحاقدون ذلك، فاتهموا ابن عباس بتوسّعه بالأخذ عن أهل الكتاب، وعلى رأسهم اليهودي المستشرق (جولدزيهر). فمن أقواله في ذلك: (وأجدر من ذلك بالتصديق الأخبار التي تفيد أن ابن عباس كان لا يرى غضاضة أن يرجع في الأحوال التي يخامره الشك إلى من يرجو عنده علمها، وكثيرا ما ذكر أنه كان يرجع في تفسير معاني الألفاظ إلى من يدعى: أبا الجلد!!) (٢).
ثم يقول: (كثيرا ما تجد بين مصادر العلم المفضلة لدى ابن عباس اليهوديين اللذين اعتنقا الإسلام: كعب الأحبار وعبد الله بن سلام...
ولن يعدّ ابن عباس أولئك الكتابيين حججا فقط في الإسرائيليات وأخبار الكتب السابقة، بل كان يسأل أيضا كعب الأحبار مثلا عن التفسير الصحيح للتعبيرين القرآنيين (أم الكتاب) و (المرجان).
وقد رأى الناس في هؤلاء اليهود أن عندهم أحسن الفهم- على العموم- في القرآن وفي كلام الرسول ﷺ وما فيها من المعاني الدينية، ورجعوا إليهم سائلين عن هذه المسائل بالرغم من التحذير الشديد من
(٢) مذاهب التفسير الإسلامي: ٦٥ - ٦٦.