أبا عبد الله المتوفى سنة (٤٠٥ هـ) حكى في كتابه (المستدرك) (١) كلام شيخ شيوخه، إمام الأئمة أبي بكر بن محمد بن إسحاق بن خزيمة المتوفى سنة (٣١١ هـ) في الردّ على من تكلّم في أبي هريرة، فكأنما هو يردّ على أهل عصرنا هؤلاء، وهذا نصّ كلامه:
(وإنما يتكلم في أبي هريرة لرفع أخباره من قد أعمى الله قلوبهم، فلا يفهمون معاني الأخبار: إما معطل جهمي يسمع أخباره التي يرونها خلاف مذهبهم الذي هو كفر فيشتمون أبا هريرة، ويرمونه بما الله تعالى قد نزهه عنه تمويها على الرعاع والسفلة، أن أخباره لا تثبت بها الحجّة، وإما خارجي يرى السيف على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يرى طاعة خليفة ولا إمام، إذا سمع أخبار أبي هريرة عن النبي ﷺ خلاف مذهبهم الذي هو ضلال ولم يجد حيلة في دفع أخباره بحجّة وبرهان، كان مفزعه الوقيعة في أبي هريرة، أو قدري اعتزل الإسلام وأهله، وكفّر أهل الإسلام الذين يتبعون الأقدار الماضية التي قدّرها الله تعالى وقضاها قبل كسب العباد لها، إذا نظر إلى أخبار أبي هريرة التي قد رواها عن النبي ﷺ في إثبات القدر، ولم يجد حجة يؤيد بها صحة مقالته التي هي كفر وشك، كانت حجته عن نفسه أن أخبار أبي هريرة لا يجوز الاحتجاج بها! أو جاهل يتعاطى الفقه ويطلبه من غير مظانّه، إذا سمع أخبار أبي هريرة فيما يخالف مذهب من قد اجتبى مذهبه التي تخالف مذهبه ويحتجّ بأخباره على مخالفيه إذا كانت أخباره موافقة لمذهبه.. ) (٢).
ج. عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما:
أحد كبار رواة الأحاديث النبوية، وأحد الذين كتبوا الأحاديث في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مصداق ذلك ما أخرجه البخاري في كتاب العلم
(٢) مسند أحمد: ١٢/ ٨٤.