في تأخّر المسلمين وتخلفهم، وذلك من خلال انشغال كثير من علمائهم بالرد على هذا الهراء، وتبيان الحقيقة الساطعة من خلال الرجوع إلى علوم مضبوطة: كالجرح والتعديل، وروايات التاريخ، وتبيان الصحيح من الموضوع في كتب الأحاديث النبوية، ونحو ذلك.
من هنا نقول:
ما هي الفائدة المرجوة من هذه النقولات الكبيرة والكثيرة، وهي محض افتراء وكذب؟ ولماذا شغل أولئك المفسرون أنفسهم بأمثال هذه الإسرائيليات والبدع في التفاسير والموضوعات، ثم شغلوا من بعدهم بها أيضا؟!
ورحم الله المفسر الكبير أبا حيان الأندلسي الغرناطي (ت:
٧٥٤ هـ) عند ما قال عن كتب التفاسير:
وكذلك ذكروا ما لا يصحّ من أسباب النزول، وأحاديث في الفضائل، وحكايات لا تناسب، وتواريخ إسرائيلية، ولا ينبغي ذكر هذا في علم التفسير (١).
ثم ما هي الفائدة من ذكر طائفة كبيرة من الروايات- كما في تفسير الطبري- قد يكون بعضها غير صحيح، على الرغم من أنه رحمه الله تعالى ذكر أسانيد الروايات؟!
ما دام أنه لم يبين المجروح من رجال السند ولا المعدّل منهم، فكيف- ونحن في عصر قلّت فيه الخبرة لدى الناس في أمثال هذه العلوم- يتعرّف القارئ في تفسير الطبري على الرواية السقيمة من الرواية الصحيحة؟!
ألا يكفي لمستشرق أو حاقد أو جاهل أن يقول أمرا غير صحيح؟! ألا يكفيه أن يسند رأيه بتفسير جليل لإمام كبير هو تفسير الطبري؟!

(١) البحر المحيط في التفسير: ١/ ٥.


الصفحة التالية
Icon