عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) (١).

لذلك وعلى الرغم من قوة العرب البلاغية وفصاحتهم و ، فقد عجزوا أمام فصاحة وبلاغة كتاب الله تعالى.
وما كان من الكثيرين منهم إلا أن أعلنوا إسلامهم.. وساروا في موكب الدعوة إلى الله تعالى فتذوقوا بيان القرآن، وفهموا مراميه ومقاصده.
إلا أنهم كانوا يعودون إلى الرسول ﷺ ليستفسروا عن بعض دلالات الآيات.
وكما هو معلوم، فالرسول ﷺ كان أعلم الناس بأسرار القرآن، ومن وظائفه ومهامه تبليغ وبيان ما في القرآن (٢).
لكنه صلوات الله عليه لم يفسر القرآن كله، إنما فسّر بما يزيل الشبهات ويوضح المعاني.
وقد جمعت الأحاديث النبوية التي تدور في فلك التفسير- وهي قليلة- فما فهمه الصحابة الكرام من القرآن فقد ساروا عليه، ولكن
(١) المدثر: ١١ - ٢٥، وتفصيلات القصة في سيرة ابن هشام: ١/ ٢٨٣، مستدرك الحاكم: ٢/ ٥٠٦، دلائل البيهقي: ٢/ ٢٠٠.
(٢) مثال ذلك قوله تعالى: (بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [النحل: ٤٤].
ومثاله قوله سبحانه: (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ [النساء: ١٠٥].
إذا: من المهمّات الأساسية للنبي ﷺ تفسير الأمور المشتبهة، مصداق ذلك قوله تعالى: (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) [البقرة: ١٥١].


الصفحة التالية
Icon