فيه، لأن شرعنا مكتف بنفسه، فإذا لم يوجد فيه نص، ففي النظر والاستدلال غنى عن سؤالهم، ولا يدخل في النهي سؤالهم عن الأخبار المصدّقة لشرعنا، والأخبار عن الأمم السالفة) (١) يعني بتشديد سيدنا عمر على من كان يكتب شيئا من كتب اليهود... (٢).
لكن ما هو موقف التابعين من الإسرائيليات؟
مرّ معنا في قسم (تفسير الصحابة): أن الصحابة لم يكونوا يعودون إلى أهل الكتاب، إلا في دائرة محددة ضيقة، لكن في عهد التابعين زاد ذلك الأمر وتضخّم.
قال نجم الدين الطوفي في تبيان علّة ذلك:
(ثم تفرق الصحابة رضي الله عنهم بعد موت النبي ﷺ في البلاد، ونقلوا ما علموه من التفسير إلى تابعيهم، وليس كل صحابي علم تفسير جميع القرآن بل بعضه، إذ الجامعون للقرآن على عهده ﷺ كانوا نفرا معدودين، وشرذمة قليلين، فألقى الصحابي ذلك البعض إلى تابعه، ولعل ذلك التابعي لم يجتمع بصحابي آخر يكمل له التفسير، أو اجتمع بمن لا زيادة عنه على ما عند الصحابي الذي أخذ منه، فاقتصر عليه وشرع يكمل تفسير القرآن باجتهاده استنباطا من اللغة تارة، ومن السنة أخرى، ومن نظير الآية المطلوب تفسيرها من القرآن تارة أخرى، ومن مدارك أخر رآها صالحة لأخذ التفسير منها، كالتاريخ، وأيام الأمم الخالية، والإسرائيليات ونحوها، فاتسع الخرق وكثر الدخل في التفسير حتى آل الأمر إلى الأقوال الكثيرة، تفعل كل طبقة من المفسرين، كفعل التي قبلها من زيادة الوجوه والاختيارات كما تراهم

(١) فتح الباري: ١٣/ ٢٨٥.
(٢) الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير: ١٠٦ - ١٠٨.


الصفحة التالية
Icon