مصداق ذلك قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (١) ومصداق ذلك ما أخرجه أبو داود في سننه من أن النبي ﷺ قال: «ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلّوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرّموه».
ولدى الرجوع إلى كتب السنة نجد أنها قد أفردت للتفسير بابا من الأبواب التي ضمت أحاديث النبي ﷺ مثال ذلك: ما رواه أحمد والشيخان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «لما نزلت هذه الآية (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) (٢) شقّ ذلك على الناس، فقالوا:
يا رسول الله! وأيّنا لا يظلم نفسه؟ قال: إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (٣) إنما هو الشرك»
.
وما أخرجه الترمذي وابن جرير عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) (٤) قال: «لا إله إلا الله».
٣ - المصدر الثالث: تفسير الصحابة رضي الله عنهم:
اعتبر العلماء أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي له حكم المرفوع، خاصة إذا كان ذلك يتعلّق بأسباب النزول، ولا مجال للرأي فيه، ولذلك لا يجوز رد تفسير الصحابي اتفاقا، ورحم الله الحافظ ابن كثير عند ما قال في مقدمة تفسيره: (حينئذ إذا لم نجد التفسير في القرآن

(١) النحل: ٤٤.
(٢) الأنعام: ٨٢.
(٣) لقمان: ١٣.
(٤) الفتح: ٢٦.


الصفحة التالية
Icon