التفسير آنئذ بابا من الأبواب التي اشتمل عليها الحديث، ولم يفرد له تأليف خاص.
وعرف من ذلك ما قام به كلّ من: شعبة بن الحجاج (ت: ١٦٠ هـ)، ووكيع بن الجرّاح (ت: ١٩٧ هـ)، وسفيان بن عيينة (ت: ١٩٨ هـ) وغيرهم.
وبعد فترة وجيزة خطا التفسير خطوة أخرى، حيث انفصل التفسير عن الحديث النبوي، ليصبح علما قائما بنفسه، فوضع التفسير لكل آية وحسب ترتيب المصحف الشريف، وكان من أبرز ما قام بهذا العمل:
ابن ماجة (ت: ٢٧٣ هـ)، وابن جرير الطبري (ت: ٣١٠ هـ)، وابن حبّان (ت: ٣٦٩ هـ)، والحاكم (ت: ٤٠٥ هـ) وغيرهم.
وتمتاز جهود العلماء في تلك الفترة أنها تركّزت على (التفسير المأثور) بعيدا عن (التفسير بالرأي)، حيث رووا التفسير بالإسناد إلى الرسول ﷺ وإلى الصحابة والتابعين.. ، ولذلك كانت الإسرائيليات والموضوعات والترف الفكري أبعد ما يكون عن ذلك العمل!!
ودار الزمن دورته، وانتشرت التفسيرات الكثيرة للقرآن الكريم، حيث طغى على التفسير كثير من فنون العلوم، فهذا قد اعتنى بالتفسير عن طريق أقوال الحكماء والفلاسفة، وذاك قد تبحّر في الفروع الفقهية، والآخر قد شغل نفسه بالقصص والحكايات التاريخية، وإلى غير ذلك.
ولذلك نجد في كتب التفسير الموجودة في المكتبات الآن الغثّ والسمين، فإلى جانب الأمور الصحيحة نجد أمورا ترفية | أبعدت التفسير عن هدفه.. ، وإلا ما هي الفائدة من ذكر عدة احتمالات لاسم كلب أهل الكهف!؟ أو ذكر اسم النملة في قصة سليمان عليه السلام؟ |