يُوحى) (١) وقول رسول الله فيما رواه الإمام مسلم: «إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد».
وقوله ﷺ فيما رواه أبو داود «ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلّوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السباع، ولا لقطة معاهد، إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه».
ويفهم من هذا الحديث وغيره أن الله تعالى أنزل القرآن على النبي ﷺ وأذن له في شرح ما في هذا القرآن وتفصيله، وعلق الإمام القرطبي على هذا الحديث بقوله: فقوله: «أوتيت الكتاب ومثله معه» معناه أنه أوتي الكتاب وحيا يتلى، وأوتي من البيان مثله، أي أذن أن يبين ما في الكتاب، فيعم ويخص، ويزيد عليه، ويشرح ما في الكتاب، فيكون في وجوب العمل به ولزوم قبوله كالظاهر المتلو من القرآن.
ويحتمل وجها آخر: وهو أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو، مثل ما أعطي من الظاهر المتلو، كما قال تعالى: (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٢).
وأما قوله: «يوشك رجل شبعان... إلخ» فالمقصود منه التحذير من مخالفة السنّة التي سنّها الرسول ﷺ وليس لها ذكر في القرآن، كما هو مذهب الخوارج والروافض الذين تعلّقوا بظاهر القرآن، وتركوا السنن التي ضمنت بيان الكتاب فتحيّروا وضلّوا.

(١) النجم: ٣ - ٤.
(٢) النجم: ٣ - ٤.


الصفحة التالية
Icon