ومن ثمّ. فإن الشيخ عبد القاهر الجرجاني قال في كتابه أسرار البلاغة:
[... واعلم. أنّ مما اتفق العقلاء عليه: أنّ التمثيل إذا جاء في أعقاب المعاني، أو برزت هي باختصار في معرضه، ونقلت عن صورها الأصلية إلى صورته، كساها أبهة، وكسبها منقبة، ورفع من أقدارها، وشبّ من نارها، وضاعف قواها في تحريك النفوس لها، ودعا القلوب إليها، واستثار لها من أقاصي الأفئدة- صبابة وكلفا- وقسر الطباع على أن تعطيها محبة وشغفا.
فإن كانت مدحا كان أبهى، وأفخم، وأنبل في النفوس، وأعظم، وأهزّ للعطف، وأسرع للإلف، وأجلب للفرح، وأغلب على الممتدح، وأوجب شفاعة للمادح.. ].
ثم يقول: [وإن كان ذما، كان مسّه أوجع، وميسمه ألذع، ووقعه أشد، وحدّه أحدّ.
وإن كان حجاجا: كان برهانه أنور، وسلطانه أقهر، وبيانه أبهر.
وإن كان افتخارا: كان شأوه أبعد، وشرفه أجدّ، ولسانه ألدّ....
وإن كان اعتذارا: كان إلى القبول أقرب، وللقلوب أخلب،